image1
مع تزايد عدد الشهداء الفلسطينيين نتيجة للهجوم الإسرائيلي على جنوب قطاع غزة، يسعى الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته إلى ممارسة الضغط على حليفتهم لتقليل حجم الخسائر المدنية، دون اتخاذ إجراءات قاطعة تجبر "إسرائيل" على الامتثال، حسبما تفيد تقارير غربية، وفي سياق متصل، أكد مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن رئيس الوزراء لا يعاني من أي ضغط دولي يمكن أن يؤثر على سياسات "إسرائيل" ، وقد حث كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن في ذلك نائبة الرئيس كاملا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، "إسرائيل" علنيًا على توجيه ضربات دقيقة أكثر، وخاصة في جنوب قطاع غزة، بهدف تجنب تكرار الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين، كما حدث في الهجمات الشمالية.
دعم أمريكيّ متواصل
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، فإن نحو 900 شخص استشهدوا في الغارات الجوية الإسرائيلية بين يوم الجمعة، الذي انتهت فيه الهدنة، ويعد هذا العدد متقاربًا مع عدد الوفيات الذي تم تسجيله في الغارات على غزة خلال الأيام الأربعة التي تلت عملية "طوفان الأقصى"، وذكر مسؤولان أمريكيان أن الولايات المتحدة، في الوقت الراهن، تستبعد حجب تسليم الأسلحة للتل أبيب أو انتقادها بشدة كوسيلة لتغيير أساليبها، حيث ترى أن الاستراتيجية الحالية للتفاوض بشكل غير معلن هي الوسيلة الفعّالة في هذا السياق.
وأفاد مسؤول أمريكي بالقول "نعتقد أن ما نقوم به يؤثر عليهم"، مشيرًا إلى تحول موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان يرفض في السابق السماح بدخول المساعدات إلى غزة، إلى الآن يسمح بدخول نحو 200 شاحنة مساعدات يوميًا، وأضاف المسؤول إن هذا التحسن جاء نتيجةً لدبلوماسية مكثفة وليس تهديدات، وتأتي هذه التصريحات بعد ثلاثة أيام من استئناف القصف الجوي على جنوب غزة، حيث يواصل السكان انتشال جثث الأطفال والكبار من تحت الأنقاض، ومع ذلك، أكد المسؤول الأمريكي أن خفض الدعم العسكري للكيان ينطوي على مخاطر كبيرة.
ووفقًا للمسؤول الأمريكي، "تبدأ في تقليل المساعدات المقدمة لإسرائيل، فتبدأ في تشجيع الأطراف الأخرى على الدخول في الصراع، تُضعف تأثير الردع وتشجع أعداء إسرائيل الآخرين"، على الرغم من هذا التحفظ، تصف الولايات المتحدة دعمها لتل أبيب بأنه لا يتزعزع، ويظهر أن الحكومة الإسرائيلية ليست متأثرة بشكل كبير بالمطالبات الدولية بتغيير استراتيجيتها، وأوضح أوفير فالك، مستشار نتنياهو للسياسة الخارجية، الأسبوع الماضي، عندما سُئل عن الضغوط الدولية على "إسرائيل": "يجب أن أقر بشعوري بأن رئيس الوزراء لا يشعر بأي ضغط، وأعتقد أننا سنفعل كل ما يلزم لتحقيق أهدافنا العسكرية".
وتمنح الولايات المتحدة "إسرائيل" مساعدات عسكرية بقيمة 3،8 مليارات دولار سنوياً، تشمل طائرات مقاتلة وقنابل قوية يمكنها أن تدمر أنفاق غزة، كما طلبت إدارة بايدن من الكونغرس الموافقة على مبلغ إضافي قدره 14 مليار دولار، وقال سيث بيندر، مدير المناصرة في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، إن مثل هذا الدعم يمنح واشنطن "نفوذاً كبيراً" على كيفية إدارة الحرب على حماس، وأضاف بيندر: "حجب أنواع معينة من العتاد أو تأخير إعادة ملء مخزونات الأسلحة المختلفة من شأنه أن يجبر الحكومة الإسرائيلية على تعديل الاستراتيجيات والأساليب، لأنه لن يصبح مضموناً بالنسبة لها الحصول على المزيد".
وتضغط الانتخابات الرئاسية لعام 2024 على بايدن، حتى مع تكثيف كبار مساعديه دعواتهم لكبح جماح "إسرائيل"، وأي محاولة لخفض المساعدات يمكن أن تضر بالرئيس الديمقراطي من حيث الناخبين الداعمين للكيان بينما يسعى لإعادة انتخابه، ويواجه بايدن أيضًا ضغوطًا من فصيل من الديمقراطيين التقدميين الذين يريدون أن تضع واشنطن شروطًا لتقديم المساعدات العسكرية لأقرب حليف لها في الشرق الأوسط، وأن يدعم الرئيس الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأكد مصدر أمني إسرائيلي كبير أنه لم يطرأ أي تغير حتى الآن على الدعم الأمريكي ل"إسرائيل"، قائلاً: "في الوقت الحالي هناك تفاهم وهناك تنسيق مستمر"، وأضاف: "إذا غيرت الولايات المتحدة مسارها، فسيتعين على إسرائيل تسريع عملياتها وإنهاء الأمور بسرعة".
سر شراكة أمريكا بقتل المدنيين
بوضوح، ذكرت منظمة العفو الدولية أمس الثلاثاء أنها وجدت أن ذخائر أمريكية الصنع قتلت 43 مدنيًا في غارتين جويتين إسرائيليتين في غزة، وفي وقت سابق، أفاد تقرير في صحيفة وول ستريت جورنال بأن الولايات المتحدة زودت "إسرائيل" بـ100 قنبلة خارقة للتحصينات وعشرات الآلاف من الأسلحة الأخرى لاستخدامها في الحرب ضد حركة حماس في غزة، وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الجمعة نقلا عن مسؤولين أمريكيين أنه تم تزويد "إسرائيل" بقنابل خارقة للتحصينات برأس حربي "بي ال يو-109" مصمم لاختراق الخرسانة قبل أن ينفجر.
والواقع هو دائماً العامل الأساسي في إثبات ازدواجية المعايير الأمريكية، ولا يمكن للولايات المتحدة أبدًا التخلي عن تأثيرها في المنطقة أو خفض دعمها لمصالحها المتعددة، إن الدعم الأمريكي المستمر للكيان منذ تأسيسه عام 1948، على أنقاض فلسطين، يعتبر واحدًا من أبرز القضايا السياسية المثيرة للجدل في العلاقات الدولية، وبدأ هذا الدعم بعد الحرب العالمية الثانية، حيث قدّمت الولايات المتحدة مساعدة مالية وعسكرية ل"إسرائيل" لمواجهة التحديات الأمنية، ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية عن التطور والتقوية، يمكن القول إن الدعم الأمريكي ل"إسرائيل" يمتد إلى مختلف الجوانب، بما في ذلك السياسية والاقتصادية والعسكرية.
والدعم الأمريكي للكيان الإرهابي يشمل مجموعة متنوعة من المساعدات المالية والعسكرية، منها الإمدادات العسكرية وبرامج التدريب والتكنولوجيا العسكرية المتقدمة، وفي بعض الأحيان، يتم منح "إسرائيل" الأولوية في صفقات الأسلحة الأمريكية، يتم تبرير هذا الدعم بالعديد من الأسباب، منها تعزيز الأمن الإسرائيلي ودعم الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان في المنطقة، كما يعترف البيت الأبيض بالدور المهم الذي تلعبه "إسرائيل" في المنطقة لكونها حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، مع ذلك، يثير الدعم الأمريكي للكيان انتقادات واسعة في الأوساط الدولية، حيث يتهم بعض المنتقدين الولايات المتحدة بأنها تقدم الدعم للكيان على حساب الحقوق الفلسطينية والعدالة الاجتماعية في المنطقة.
وهذا الدعم للكيان ليس مقتصرًا فقط على المساعدات العسكرية والمالية، بل يشمل أيضًا الدعم السياسي والدبلوماسي، تعتبر الولايات المتحدة واحدة من أقوى داعمي تل أبيب في المجتمع الدولي، وتستخدم حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع الإدانة الدولية للكيان، وقيمة المساعدات العسكرية الأمريكية للكيان تصل إلى ملايين الدولارات سنويًا، وتشمل هذه المساعدات صواريخ وطائرات ودبابات وأسلحة أخرى تستخدمها قوات الاحتلال في عملياتها العسكرية، وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة والاحتلال عام 2016، تتلقى "إسرائيل" 38 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية على مدى عشر سنوات، ابتداءً من عام 2019.
وتُعَدّ الولايات المتحدة شريكًا اقتصاديًا حيويًا لـ "إسرائيل"، حيث تتجسد هذه الشراكة في التبادل التجاري المتبادل والاستثمارات المشتركة والتعاون العلمي والتكنولوجي، وتعد الولايات المتحدة شريكًا استراتيجيًا مهمًا للكيان الصهيوني في المنطقة، حيث تشمل هذه العلاقة الدبلوماسية والسياسية العديد من الاتفاقيات والاتفاقات متعددة الجوانب، منها: كما أن اتفاقية الصداقة والتعاون بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ووقعت هذه الاتفاقية في عام 1985م، وتحدد العلاقات الدبلوماسية والتجارية والثقافية والعسكرية بينهما، إضافة إلى اتفاقية الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ووقعت هذه الاتفاقية في عام 1983م، وتنظم العلاقات العسكرية بينهما وتشمل التعاون في مجالات الأمن والدفاع والاستخبارات.
وبالإضافة إلى ذلك، الاتفاقية الاقتصادية والتجارية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل"، التي وقعت في عام 1985م، تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما وتعزز التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، كما أن العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الولايات المتحدة والكيان تشمل تعاونًا وثيقًا في مجموعة من القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك جهود تحقيق المصالح في الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وزرع البلبلة الأمنية الإقليمية في الدول التي تعارض سياسة الهيمنة.
خلاصة القول، معروف للجميع وبالأخص الفلسطينيين أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم دعمًا قويًا لـ "إسرائيل"، وتسعى إلى تعزيز علاقتها بها، لكنهم لم يتراجعوا يوماً عن هدفهم في تحرير بلادهم، وهذا الدعم يثير الكثير من الانتقادات والجدل نظرًا للتداعيات الإقليمية والدولية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويشمل الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي للكيان، ويشمل مساعدات مالية وتقديم معدات وتكنولوجيا عسكرية متقدمة، يُعتقد أن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" تعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية عند تأسيس الكيان لتفيذ مصالح المستعمرين، وقد تطورت وتعمقت على مر السنين، على حساب الأبرياء وغزة تشهد.